أحمد الكناني : صباحك باذخ أيتها اللويبدة
كيف عجنت القرى والمدائن
في قفة واحدة ؟؟
وكيف لي ألا أتذكر الآن وجه ( خَضْرَة )
وقد أعارتك ذات ربيع بَعيد
عام أربعة وستين قلبها
( خضرة ) التي حملت وشمها الشجري
طيبةً على وجهها
حملت بيدراً من سنابل حوران
وقطيعاً من بقايا ذكريات ( مغير السرحان )
آه … كم كانت بدويةً لأجلها انحنت القرى
وافتقدتها المدينة
ظلت تشعل كانونها في المدينة التي أسقم البرد أطرافها
امرأة ظلت تستريب بمدفأة الغاز والبانيو
تضحك وتقول: أي غبي يلقي بنفسه في برميل ماء !!
وظلت تستحم بسطل مائها
الذي تعطّر بدخان الحطب
الحطب الذي كانت تجمعه من قلب عمان
يوم كانت عمان قريةً
وموئلاً للطير والأغنيات
الحطب الذي ظل يشتعل تحت صاجها خمسين عاما
في قلبك أيتها ال( عمان ) !!
كم كانت جديرة بالقصائد
وكم من شاعر غير جدير ببهائها تلك المتفردة !!
وأنت أختها أيتها اللويبدة
وكم أنت شبيهتها…
أأخبرتك انك تنطوين على مفارقة حارقة
غداة تختزلين الأماكن في مسمى واحد هو أنت ؟
أدراجك القديمة تحيل إلى نسيانات ماثلة ,
وأبوابك الخشبية مفتوحة على الطير والأسئلة ,
خشخاش سامق على كل باب
وأدراج تفضي إلى تسابيح الأمهات اللواتي
وشّين ملابسنا بالحدائق ورائحة الخراف .
هل نحن جديرون بحراسة إرثك
أيتها التي احتضنت جيداً خيبات أيامنا؟؟
أخشى عليك أيتها الموزعة تماماً بين قلبي وفمي
عالماً أن خشيتي لا يبررها
سوى ضعفي وضلوعي في النسيان
وأن قوتك تكمن في رقتك الجارحة
غداة تذكرين أسماءنا
وتكتبينها على خشخاشك العتيق .
هل أنت لي كما أنت الآن ؟؟
من شرفة واطئة في طائرك الجميل ( كناري ) أحس أنني أستطيع احتضانك كما ينبغي ,
أحتضن خد الشرفة عالماً أن كثيرين قبلي ربما فعلوا ذلك, هل مثل قلبي كانوا محتلين بحبك؟؟
هل مدوا أياديهم لالتقاط خشخاشة قربها لأعينهم الشوق وباعدتها المسافة عن أطراف أصابعهم
فظلت على أمها وظلوا على أم أحلامهم وافتتانهم بها !!
إنها الأيائل والطيور إذاً ,
أيائل عمان تسرح مطمئنة وطيورها تحلق منخفضة يا إلياس !!
Views: 54