مكان

صفاء حطاب : جبل القلعة..الشاهد الشامخ

يأسرك المنظر، وتشدك الحجارة معها إلى أعلى، مكونة جدارا شامخا يمنحك شعورا خفيا بالعنفوان، ويحبس أنفاسك متعجلا الوصول إلى قمة الجبل.

ثم تشعر براحة امتداد الأفق أمامك، وتلتقط أنفاسا نقية عميقة قادمة من امتزاج أصالة تاريخ مدينة عمان الجميلة بعبق وأريج حداثتها.

ثم تسرع الخطى دون أن تشعر، تريد أن تجمع الجمال من أطرافه… فهذا القصر الأموي في الطرف الشمالي والمبني على أساسات رومانية قديمة، المسقوف بأنصاف قباب خشبية مدهشة مزخرفة بنقوش إسلامية رائعة، تخبرك جمال تفاصيلها ودقتها، واعتدال الجو داخل المكان طوال فصول السنة الكثير عن تطور حضاري وعلمي ومدنية تستحق الاحترام.

ثم تلفتك مساكن الحاشية القريبة من القصر، صامتة وساكنة، لكن مع ذلك يمكنك أن تسمع همس المكان إذا أنصت جيدا، وأن تستعيد صخب الحياة هناك ولو للحظة ثمينة واحدة.

إنه جبل القلعة الشامخ في وسط عمان، وأحد قمم جبالها السبعة، الذي كان عاصمة لحكم العمونيين ثم اليونان والرومان ثم المسلمين، وبقي الموقع حصنا استراتيجيا وعسكريا لعقود طويلة، يشتمل الجبل على معبد “هرقل” الروماني، وعلى بقايا كنيسة بيزنطية، وآبار قديمة، ومتحف آثار أردني حديث يروي قصة المكان وعراقته، يضم بين جنباته مقتنيات أثرية يعود بعضها إلى العصر الحجري القديم، ومخطوطات أثرية نادرة من منطقة البحر الميت، وكل ما يتعلق بحياة الإنسان القديم في هذه المنطقة.

الموقع حديثا من أهم المواقع الأثرية جذبا للسياح داخليا وخارجيا، وتقام بين جنباته فعاليات رصدية وحفلات موسيقية مهمة، نتواصل فيها مع المكان، ونبعث فيه ويبعث فينا رسائل الحياة التي سيبقى إيقاعها المتجذر في التاريخ يشكل وجداننا وهويتنا الأصيلة.

Views: 13

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى