كاتب

د. زياد ابو لبن : تجربة القاص والروائي سليمان الأزرعي

إن التجربة الإبداعية التي ظهرت متأخرة على منجزه النقدي لم تنفصل عن شخصية الناقد والقاص والروائي سليمان الأزرعي، فقد تشكل وعيه منذ السبعينيات، وهو على مقاعد الدراسة الجامعية في مرحلتها الأولى بجامعة دمشق، فاتخذ من اليسار خطاً أوصله إلى السجن، فالاشتراكية الشيوعية شغلت فكره وجزءاً كبيراً من إبداعه القصصي، وكذلك جزءاً مهما من نقده.
وأشار أبو لبن إلى أن الأزرعي انحاز إلى الفكر الماركسي وتمسك بثورية الفكر والثبات على المبدأ بعيداً عن المناصب التي تقلب في وظائفها، بدءاً من وزارة التربية والتعليم العام (1975- 1985) معلماً ومديراً إلى وزارة الثقافة في عدد من المواقع الإدارية والثقافية (1991 – 2004)، وهو المنتمي لحركات التحرر العالمي.
إن الحس القومي والدفاع عن قضايا أمته العربية تشكل في وجدانه، وأدرك في وعيه المبكر مناصرة الشعوب المضطهدة والمقموعة من قوى الاستعمار العالمي، وهذا ما نعثر عليه في قصص مجموعاته وفي روايتيه، بل وفي فكره، وما ينعكس على سلوكه ومكونه الاجتماعي. فقد عاش تجربة السجن العام 1985، ثم الملاحقة السياسية والعزل من عمله والفصل التعسفي سنوات الأحكام العرفية.
وقد كانت بداية مشوار الأزرعي مع الإبداع حيث بدأ بـ”ينشر قصصه إلى جانب دراساته ومقالاته النقدية في الصحف والمجلات قبل أن يصدر مجموعته الأولى “البابور”، وتضم ثماني قصص، تسرد حكاية البسطاء والفقراء في بيئة ريفية، وهي البيئة التي عاشها الكاتب”، وهو يستكمل تجربته القصصية الواقعية بمجموعة “الذي قال آخّ أولاً”، وتضم المجموعة أربع عشرة قصة، وهي تعالج الواقع العربي سياسياً واجتماعياً.
والمجموعة الثالثة “القبيلة”، التي صدرت للأزرعي تعبر عن حالة الاشتباك التاريخي في فهم الصراع العربي الإسرائيلي، كما ينهل من تجربته في “السجن” التي دفع فيها ثمناً باهظاً من حياته، فيعود بالقارئ في بعض قصصه إلى مضارب البدو وحياة القرى بعيداً عن الصراع الطبقي في المجتمع.
كما تصور المجموعة القصصية “فالانتاين”، الصراع الطبقي، ونقد الطبقة البرجوازية، كما يصور حالة الفساد في المجتمع، بل يطال مؤسسات أكاديمية كما في قصة “س”، التي يدفع ثمنها أستاذ جامعي يرفض وساطة رئيس الجامعة لتغيير علامة أحد الطلاب، وما أظنّ “س” إلا سليمان الأزرعي نفسه، فيأتيه الرد من خلال ورقة دست إليه من تحت باب مكتبه “يؤسفني إبلاغكم بعدم الرغبة بتجديد عقدكم”.
فيما أخذت مجموعتة “جمار منتقاة”، اتجاه الفكاهة والسخرية سرداً لاذعاً لنقد الواقع بتمثلاته، وما قصص هذه المجموعة إلا استكمالاً لقصص مجموعاته السابقة، وتدور أحداثها في مضامين لا تختلف كثيراً عن سابقاتها، لكننا نجد انعطافة حادة في لغة السرد في مجموعته الرابعة “أممية”، التي تضم ست عشرة قصة، حيث يعود بنا في مضامين بعضها يعود إلى حياة القرية بأسلوب رشيق يجد فيه القارئ متعة القراءة، وعمق التجربة، وجماليات اللغة.

Views: 93

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى