رحمة عوينة : لا يفهم الشهداء هذا الحزن
ربما يَمرُّ قطارُهم من تحتِ شُرفتنا
ستُلوّح البنتُ التي فَردت جدائلها لعينِ الشمس وتقول :
تعالَ خُذني
يا نبيَّ الأرض ..
خُذ حصتي من وجبةِ الزيتونِ واتركْ يدَيكَ لحفلةِ الحناء ..
وتجيءُ كوكبةٌ من الحافين كي يستفسروا :
هل مَر نجمٌ من هُنا نحوَ السماء ؟
وتجيءُ أمٌّ تعرف الأوزانَ في خَبر تسربَ بينَ أبناءِ المدينة
وتقولُ ملءَ النّبض :
أهذيكَ ؟
أم أبكيكَ ؟
أم أستغيثُ بمعجمٍ لم يبقَ فيه من الكلامِ سوى حروفِ العطفِ
وما تَيسّر من رثاءْ ؟
إذن ..
صَلوا عليه وسلموا ..
صَلوا على ملامحهِ
على قصصٍ يُخبِّئُها في دفترٍ سريّ
ولا تبكوا على وجهٍ مُضاء
فمن الفظاظةِ أن تقولوا : ( ماتَ مغموسا ببحرِ دمائه
يا قلبَ أمّه .. وَيلها اليوم .. )
لا يفهمُ الشهداءُ هذا الحُزن في كلماتنا وسيضحكونَ على ملامِحنا الكئيبة ..
وَسيجزِلون لنا العزاء ..
ستقولُ أنتَ إذا مضيتَ مُدججا بالآسِ والريحان :
لا تَحثوا عليّ تُرابَكم
دعوا عني جَميعَ ما تقتاتهُ الصّحف الصديقة
سأمشي خُطوتين إلى الأمام
فاتبعوني
واحملوا عني السلاحَ
إذا سقطت مُضرجا بكرامتي
وانزعوا عني القميصَ
وأرجِعوه لقلبِ أمي
هناكَ تكتَحلُ البلادُ لعُرسها
هناكَ تنصَهرُ الأنوثةُ بالفداء
هناكْ ..
تنشلعُ الجبالُ لحُزنها
وهناكْ
هناكَ يستشري البُكاء
Views: 39