رواية “ظننتك رحلت”… للكاتبة الشابة غنى المطر

بقلم: صفاء الحطاب
رواية “ظننتك رحلت” عنوان لافت يشي بالظن وعدم اليقين، ويرهص بأسئلة قادمة، يجد القارئ نفسه بمواجهتها في ثنايا السرد الروائي، المبني على طرح الأسئلة الوجودية والفلسفية، حول الموت والحياة، وهل الموت راحة ومطلب؟ أم هو نهاية حتمية قدرية؟ هل هناك عدالة إلهية تحفنا أثناء مواجهة أقدارنا؟ وغيرها الكثير من الأسئلة الوجودية العميقة.
بنت الكاتبة حبكتها من تصاعد أحداث قصة متخيلة، تدور أحداثها حول الفتاة الإيطالية “نوالا” التي تقع في أسر الملك الفرنسي “ماثيو”، وقد طرحت الكاتبة انطلاقا من تصاعد الصراع قضية قدرة الحق الذاتية، مهما بدا ضعيفا، في مواجهة الظلم وبطشه وغطرسته، وإمكانية الانتصار عليه، وهي أيضا قضية فلسفية وجودية.
البناء السردي جاء إيقاعه بطيئا، تخللته حوارات ذاتية فلسفية عميقة، تدهش القارئ، وتثير الأسئلة، كيف لكاتبة صغيرة، تجاوزت الطفولة من سنوات قليلة، أن تحاكي طريقة العبقري “تولستوي”، الذي أبدع في طرح صراعاته النفسية، وتعرية حقيقة الموت وما تفعله بنا، وتعرية الحياة وما نفعله فيها!
تمكنت الكاتبة من نسج حبكة قصة مشوقة، تشد القارئ، وتثير فضوله، لمعرفة وماذا بعد؟
لغة الرواية ترواحت بين اللغة الميسرة والصعبة، واستخدام التعابير المركبة في بعض المواضع، وقد وردت مجموعة من الأخطاء الدلالية في استخدام بعض المفردات، وبعض الأخطاء في صياغة الجمل، التي تستلزم إعادة تدقيق لغوي للطبعة الثانية، حتى يكتمل جمال المعنى والمبنى.
شخصيات القصة بدت وكأنها أطيافا بشكل ما، فلا تفاصيل بشرية كافية في وصف أي منها!
وقد يخدم هذا طبيعة الرواية الفلسفية، حيث أن الكاتبة تخاطب بواطن المتلقي.
نهاية الرواية جاءت مفاجئة، وكأنما أرادت غنى أن تنتصر لفكرة أن الموت هو شكل من أشكال الخلاص، والراحة، مهما بدا موجعا، ورمز للتحول من حال إلى حال، نتخفف أثناء الانتقال مما يؤذينا، ويثقل أرواحنا.“ظننتك رحلت” رواية طرح أسئلة وجودية وفلسفية بامتياز، ونحن أمام كاتبة واعدة، وضعت لبنة قوية، يعتمد عليها في الصعود نحو مجد الكتابة الإبداعية والجمالية.
Views: 76