خبر

“نون للكتاب” تناقش رواية “بينوكيا لا تكذب” لسلمى الأشهب

عقدت مبادرة نون للكتاب مساء السبت الموافق: ١٨ مايو/أيار ٢٠٢٤، في مكتبة عبد الحميد شومان في جبل عمان جلسة ناقشت فيها رواية “بينوكيا لا تكذب” للكاتبة سلمى الأشهب.
بدأت الجلسة بمقدمة رحب فيها الناقد أسيد الحوتري بالحضور موضحا أن “بينوكيا لا تكذب” رواية عميقة على الرغم من كونها العمل الأدبي الأول للكاتبة.
انتقل الحديث بعد ذلك إلى السيد طارق عودة حيث قام بتقديم نبذة عن سيرة الروائية الأشهب، وملخصا عن روايتها، ونبذة عن سيرة الناقدة شذى فاعور التي قدمت بدورها قراءة نقدية موجزة ومكثفة للرواية، أوضحت فيها أن الرواية تمثل حشدا من السير الذاتية لمجموعة من أصدقاء متخيلين، وأنها خير نموذج للرواية متعددة الأصوات. كما بينت أن الرواية قد اشتملت على أحاديث مونولوجية كشفت سيلا من الفضاءات النفسية الخفية للشخصيات عبر البوح والاستفهام. وأوضحت الناقدة أن “بينوكيا لا تكذب” رواية تشويقية، ونفسية، واجتماعية بامتياز.
بعد ذلك، ناقش الحضور الرواية عبر أربع محاور. دار المحور الأول حول ملاحظات القراء العامة حول النص، وقد أجمع الحضور على أنه وعلى الرغم من امتداد الرواية في (٣٤٠) صفحة تقريبا إلا أن الملل لم يتسلل أبدا إلى القارئ، وهذا بحد ذاته إنجاز كبير للكاتبة في روايتها الأولى. أشار بعض الحضور إلى صعوبة الربط بين الأحداث والشخصيات وذلك لتعدد الشخصيات الرئيسة التي وصلت إلى (٨) شخصيات وجب رسمها واستحضارها جيدا في ذاكرة القارئ حتى تتم عملية ربطها بالأحداث بسهولة ويسر. كما تمت الإشارة إلى أن غلاف الرواية مشابه للوحة مرسومة داخل الرواية، وأن عنوان الرواية يشير إلى شخصية دانية التي تشبه اللعبة الخشبية (بونوكيو)، ودانية لا تكذب ولكنها لا تقول الحقيقة كاملة أبدا! ومن هنا كان اسم الرواية “بينوكيا لا تكذب”.

محور النقاش الثاني دار حول بنية النص حيث أجمع الحضور على سلاسة اللغة وبعدها عن التقعير، وأشاد البعض باستخدام العامية في تطعيم الحوارات، في حين رأى البعض الآخر أن العامية يجب أن تكون لغة الحوار بالكامل. كما أشاد الحضور بتعدد الرواة والأصوات الذي تعددت معه النظرة إلى الأحداث ومجريات الأمور بحيث نُقلت وقائع الرواية بشكل ديمقراطي بعيد عن التعصب لرأي بعينه. وفي الحديث عن شكل نهاية الرواية أبدى بعض الحضور خيبتهم من النهاية المفتوحة والمأساوية، في ما أكد البعض الآخر أن النهاية المفتوحة كانت إجبارية لأن معظم شخصيات الرواية الرئيسة لا زالت على قيد الحياة، وأن نهاية الرواية وإن كانت مفتوحة وتراجيدية إلا أن الكاتبة أغلقتها بأمنية أن يكون الجميع بخير. أما بالنسبة لفصول الرواية الرئيسة فكانت عبارة عن أربعة كتب/فصول رمزت إلى مراحل عمر الشخصيات، وهذا يذكر بفصول السنة حيث الربيع موسم الشباب، والصيف موسم الخصب والحصاد، والخريف خريف العمر، والشتاء موسم الرحيل والذي كان آخر فصول الرواية حيث رحلت دانية وهديل وتكاد أن تلحق بهما داليدا والآخرون. كما رأى بعض الحضور أن النص اشتمل على بعض الهفوات وبحاجة إلى إعادة تدقيق حتى يكون في أبهى حلة.

أما بالنسبة للمحور الثالث فقد ناقش الحضور التجليات الفلسفية في النص، وأنماط حياة الشخصيات والتحليل النفسي لها. رأى البعض أن الرواية من الممكن أن تكون قريبة من الفلسفة التشاؤمية التي ترأسها: (شوبنهاور، سيوران، ونيتشة) والتي تقوم على عبثية الحياة ويؤكد ذلك النهايات التراجيدية أو الغامضة لكل الشخصيات الرئيسة في الرواية.
وطرحت الرواية نمط حياة غير مألوف عاشته هديل، فهي لم تهنأ بنجاحاتها أبدا، ولم تعبأ بإخفاقاتها. فهي تعيش، عن علم أو عن غير علم، فلسفة صينية تمجد الحياة في برزخ بين السعادة والتعاسة، وعلى الأعراف بين الجنة والنار.
وقد تمت التطرق إلى نمط حياة عصام وسوزي الذي قام على البراغماتية ومبدأ الغاية تبرر الوسيلة.
وفي موضوع السعادة آمن كفاح أن السعادة لا تكون بتحقيق ما يمليه المجتمع من وصفات تقليدية: شهادة، عمل، مال، زواج، أولاد، بل تكون السعادة في تحقيق ذلك الشيء الذي نعتقد بأنا خلقنا من أجله. وفي التحليل النفسي للمغتصبين أوضحت الرواية أن هدف المعتدي لا يكون الجنس أبدا بل فرض القوة والسطوة والسيطرة على الطرف الآخر.
.
المحور الرابع من الرواية دار حول القضايا الاجتماعية التي تطرقت لها الرواية وهي كثيرة كان أهمها: العنف الأسري والذي كان في أوضح صوره بين باسم وداليدا، والتدين الصوري الذي مثلته سوزي وعصام، والتحرر غير المنضبط في عائلة هديل وشخصية دانية، وصراع الأجيال بين المراهقين ووالديهم، والعنصرية الذي كان كفاح خير مثال لها، والطبقية التي تأججت عندما تحجبت هديل حيث ظهرت حقيقة أهلها، والانتقام الذي قام به باسم وأدى إلى محاولة انتحار زوجته داليدا.
.
ولقد شارك في الجلسة النقاشية كوكبة من أعضاء رابطة الكتاب الأردنيين، وأعضاء نادي كتاب (آوت آند أباوت)، ونخبة من القراء والكتاب.

في الختام، مُنحت درع تذكارية للروائية سلمى الأشهب، وشهادة شكر وتقدير للناقدة شذى فاعور، وتم التقاط صورة جماعية، ليتمّ بعد ذلك التوجه بالشكر الجزيل والجميل إلى الحضور الكريم، وإلى مكتبة عبد الحميد شومان والقائمين عليها على كل ما يقدمونه من جهود متميزة في خدمة المشهد الثقافي الوطني والعربي.

Views: 31

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى