مكان

“مصر القديمة” بين أسرار البناء الغامضة والتقنيات العلمية الكاشفة


بقلم: صفاء الحطاب
قد تكون زيارة أي مكان أثري هي مغامرة زمنية بصورة ما؛ وتجربة تواصل مع المكان لالتقاط بعض تفاصيل السردية التاريخية والحضارية المترتبة والمستندة عليها؛ زرت مصر القديمة بالعبور إلى معابدها وأهراماتها ولمس حجارتها والمشي على رمالها؛ لكن في غياب تصور شمولي عن المواقع الأثرية؛ وعدم وجود خط تاريخي منتظم وناظم للزمن المرتبط بالإنسان وحركته في المكان عبر آلاف من السنين الغابرة؛ جعل الزيارة مثيرة للمزيد من الأسئلة؛ وكان التأويل المعتمد على دراسة الأثر ومحاولة التوفيق بين ما قدمه المكتشفون الأوائل
‎ من معلومات وبين الفرضيات الحديثة المعتمدة على نظريات علمية وأدوات ووسائل كشف دقيقة يمكنها اختراق أعماق الأرض دون حفر أو تغيير لوضعية الأثر؛ هي المهمة الأصعب الواقعة على عاتق الباحثين والآثاريين والمؤرخين الذين نحاول فهم المكان الملهم عبر فرضياتهم ونظرياتهم؛
‎ وقد كان غموض حضارة مصر القديمة
‎ومحاولة كشف ما خفي من تاريخ العالم القديم، هو المسوغ الدائم للبحث المستمر عن من يقدم جهود بحثية وبنظرة موسعة تنظر في علوم وتقنيات قُدماء المصريين وأثارهم من أهرامات ومسلات ومعابد وتماثيل وكيف بدأت وكيف انتهت؛ ومحاولة فهمها عبر تقنيات وعلوم العصر الحديث المتاحة؛
‎وقد تكون هذه هي المهمة التي كلف بها نفسه المهندس المصري والباحث أحمد عدلي
الذي كان اللقاء به في أروقة المتحف المصري الكبير القريب من أهرامات الجيزة وتبادل الأحاديث المتخصصة عن بعض القطع الآثارية جزء مهم من زيارتي إلى مصر وتواصلي العميق مع المكان؛
‎فقد تم كشف بعض غموض الحضارة المصرية عبر تحليل نظريات وضعها باحثون غربيون ومصريون في الأونة الأخيرة..
‎وكانت تلك النظريات مختلفة ومخالفة للكثير مما هو معروف ومتداول عن الحضارة المصرية، وكان فيها طرح جديد ومحاولة للإجابة عن بعض الأسئلة المهمة والمفصلية المتجددة؛ من مثل
‎كم يبلغ عُمر الأهرامات ؟ ولماذا بُنيت ؟
من نحت أبو الهول ؟
وماذا يُمثل التمثال ؟
ما سر الإعجاز الهندسي في المسلات والمعابد والتماثيل ؟ ولماذا تفشل آلاف التجارب في إعادة نحتها ؟
وأخيرا كيف انهارت الحضارة المصرية ؟

‎ قدم الباحث أحمد عدلي سلسلة من الحلقات المصورة عبر “اليوتيوب” تحت عنوان “الحضارة المفقودة” تقدم تصورا من زاوية أُخرى ..
‎وتركز على عصور مجهولة من تاريخ مصر
و‎تحكي قصة حضارة مصر القديمة في الزمن السحيق .. قبل الأسرات الحاكمة المعروفة .. وتوضح الإعجاز الهندسي والمعماري في آثار مصر القديمة .. وقد استطاع الباحث أن يقدم محتوى جديدا عن تاريخ الحضارة المصرية بأسلوب علمي وتحليلي, يستند الى مقارنة دراسات عالمية وتحليلها تحليلا منطقيا؛ وقدم مجهودا كبيرا لانتاج سلسلة كسرت الجمود، وحركت المياه الراكدة ..
وكان منهج الدراسة البحثية لما يقدمه الباحث ينطلق من المنظومة الحجرية الأثرية في مكانها؛ والعمل على استنطاقها والاستدلال على أسرارها هندسيا وفلكيا وفيزيائيا ..
ولا بد أن تستمر الجهود البحثية؛ ويبقى طرح الأسئلة والتأويل ومحاولة فهم الإرث الحضاري الإنساني والبناء عليه هو مهمة البشر غير المنتهية في رحلة إعمارهم للأرض!

Views: 38

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى