نص

الكلمة” بين القيمة الفعلية ومعايير المتلقي


صفاء الحطاب
“الكلمة” هي نواة الفكرة التي تزهر وتثمر معنى وقيمة وتتحول إلى خطاب مباشر يستقبله كل متلق بطريقته ووفق معاييره الخاصة؛ فالكاتب القادر على صياغة أفكاره في إطار معين كالمقال أو التقرير أو الحوار أو غيرها من الأشكال الأدبية المختلفة؛ يعمل على تضمين ذلك الشكل فكرة عميقة محملة بالشعور ومدعمة برأي ووجهة نظر نحو موضوع ما؛
وقد تحتاج الكتابة الاحترافية الموجهة لشريحة معينة من القراء في مواضيع محددة إلى سعة اطلاع وتخصص دقيق في مجال الموضوع المستهدف بالكتابة؛ أما المثقف الكاتب الذي يقف على تماس مع قضايا مجتمعه وأمته ويسخر قلمه للكتابة عن أفكاره المحملة بشعوره والمدعمة برأيه حول تلك القضايا التي قد يتفاجأ ذلك الكاتب بردة فعل متعصبة من قبل المتلقي المثقف حولها؛ سواء بالقبول أو الرفض أو بالتجاهل التام!
طرح الأفكار قد يستلزم اتباع آليات خطاب معينة؛ تشرك المتلقي بما يقرأ بصورة مباشرة؛ وتستثير تفكيره حولها؛ وتقدم رأيا في قضية ما مع عدم مهاجمة أصحاب الرأي المخالف بأي صورة؛ وتضيء حول القضية المستهدفة بقلم وفكر واع يقرأ المشهد ثم يقدمه للقراء باهتمام؛ ليضعهم في صورة ما يجري حولهم؛ دون استعلاء واستعراض معرفي؛
على الكاتب المؤثر أن يكتب بعيدا عن الأنا الضيقة فكل فكرة لها عدة مستويات؛ وخطاب العقل الجمعي غير خطاب شخص بعينه؛ وقد يكون الكاتب في لحظة ما هو مصدر المعرفة والتنوير لأغلبية صامتة؛ لا تعبر عن رأيها فيما تتلقى؛ بل تتبنى آراء بعض الكتاب وتبني عليها وكأنها هي صاحبة تلك الآراء، وهنا تكمن أهمية ومسؤولية الكلمة؛ فالمتلقي المفكر يقيم ما يقرأ وفق معاييره الخاصة؛ وقد يقبل أو يرفض أو يعترض ويرد الحجة بالحجة؛ أما القارئ العادي فإنه هو “المعيار” الذي على الكاتب مراعاة صمته وحرصه على فهم ما يجري حوله عبر ما يُكتب ويُقدم له؛ الكاتب المثقف وبصفته الاعتبارية المؤثرة عليه أن يحترم كل المتلقين باختلاف مستوياتهم المعرفية؛ وعليه أن يكون ملتزما بالمعايير الإنسانية والأخلاقية العامة عند مخاطبة العقل الجمعي لمجتمعه!

Views: 36

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى