نص

محمد المعايطة : النظر خارج المرأة

محمد المعايطة

للشعر.

بيننا تقترف جرائم كريمة، ويعيش قتلة وادعون. بيننا أغان حزينة صالحة للرقص لا البكاء. أطفال كريهون، أمهات قبيحات، آباء خائنون، عشیقات سرير طيبات، مصائب خفيفة على القلب، وأفراح كاسرة. ولدينا لغة منافقة، تصلح للحرب كما تصلح

الجرائم الكريمة، تقتل بنية طيبة، جرائم تثير شهوة السؤال فقط، حتى ولو كان في متن الإجابة ضحايا، لا يهم، فالإجابات مثقلة بحمولة من الأقفاص، والقضبان الرفيعة على باب العين، لا تنقل البصر إلى أبعد من ثلاث خطوات، ولا تملأ صحن الفضول سوى بلقيمات قليلة. الجريمة ما هي إلا سكين السؤال، والأغبياء، الأغبياء فقط من يحاولون وقف الدماء.

***

بيننا يعيش قتلة وادعون، لكننا لم نتمكن من فهم حديثهم الطويل ولو مرة واحدة، ولأننا لا نحتمل سوى الجمل القصيرة، سجناهم داخل حفرة القانون. هؤلاء ليسوا سوى فضوليين أدمنوا على الأسئلة. فضوليون، ساقهم السؤال من وداعتهم لسؤال أخر أكثر ضراوة. هم ضحايا الحقيقة، وأبطال شجعان، ساروا خطوة على رقابهم نحو الضفة المعتمة. علقوا رؤوسهم حتى نقرأها ذات يوم. لكننا -نحن الجاهزون للوجبات السريعة دائماً-كنا نقرأ مؤخراتهم في كل مرة.

****

ولأننا لا نتقن إلقاء تحية عابرة على أي شيء، بكينا على أغانينا الحزينة، بكينا كثيراً حتى قتلناها. هذه ليست جريمة كريمة، هذه جريمتنا الكاملة. أننا أخرجنا الموسيقى من مكانها، وعلقناها فوق جثامين العائدين من الحرب. العائدون من الحرب، كانوا يدرسون شكل الموت هناك، وعندما وزعنا عليهم الأغاني مع العتاد، ربطوها بأرجل الأعداء. ظنوا أنها جزء من “الأرزاق”. ولأنهم لا يعرفون مهمة أخرى للأغاني الحزينة، تركوها تعيش بين الجنائز. فكيف يعرفون بأنها.. صالحة للرقص.

****

في ركن السرير المخبأ في الذاكرة، البكاء تجاوز جرحاً في معصم، ومشى على قميص النوم الوردي، ليكمل هادئاً على الشرشف إلى الأرض. تاركاً وراءه عشيقة انتحرت بالسر. وأمامه بيت عزاء ونعياً في الجريدة “بقضاء الله وقدره”. وعلى الناحية الأخرى من

السرير ترك البكاء.. عائلة.

********

البصيرة، مرآة مدببة الأطراف، تجرح عين الغرانيق المتوجة في صدورنا.. والشظايا التي تحمل نصف الحقيقة، ما هي إلا

الحقيقة الكاملة.

والمرايا، أقنعة لا تجيب عن الأسئلة.. هي ارتباك يد الله في الطين.

Views: 94

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى